منذ اعلان وزارة الثقافة المصرية عن منحة الدولة للسينما التي تبلغ 20 مليون جنيه, والمشاكل تحاصر المشروع من بدايته، ويعانى شباب السينمائيين من سياسة الكيل بمكيالين, والتفريق في المعاملة بينهم, وبين كبار المخرجين، لجنة الدعم التي منحت العشرين مليون جنيه, اختارت أفلام (رسايل بحر) لداود عبد السيد, و(الغردقة) لرأفت الميهى, وفيلم (رسم على الجسد العاري) لأسامة فوزي, وفيلم للمخرج مجدي احمد علي, وفيلم واحد فقط لمخرج جديد, وهو احمد غانم،أي أن اللجنة فضلت قدامى المحاربين, وتجاهلت عشرات من الشباب, مما لا يجدون فرصة واحدة لتقديم أنفسهم على الساحة السينمائية، ومع احترامنا لجميع الأسماء التي إختارتها لجنة وزارة الثقافة، ومع احترامي الشديد لما قدموه للسينما المصرية من أفلام جيدة، ولكن من الأفضل أن يذهب الدعم إلى الشباب الجدد لاكتشاف داود عبد السيد آخر ...! ومخرجين بحجم مجدي احمد علي, ورأفت الميهي, وحتى أسامة فوزي أصغرهم سناً, والذي قارب عمره على الاربعين عاما،هؤلاء مخرجين كبار حصلوا على فرصتهم في عمل أفلام كثيرة منها نجح, وبعضها فشل، وهناك مئات من الشباب الذين ينتظرون نصف فرصة للحصول على هذا الدعم, ولم يحصلوا على فرصهم، هل يحتاج داود عبد السيد إلى دعم, ومنتج فيلمه هو رجل الأعمال نجيب ساويرس،هذا سؤال لا يجيب عنه إلاّ السادة الأفاضل أعضاء لجنة اختيار الأفلام الروائية, وهم على أبو شادي أمين عام المجلس الأعلى للثقافة, والناقد رؤوف توفيق, والناقد سمير فريد, والناقد كمال رمزي, ويحيى عزمي، والغريب حتى أن اللجنة لم تضمن أياً من شباب السينمائيين, وبلغ عمر أقل واحد من أعضاء اللجنة خمسة وخمسين عاماً، فكيف يختارون أفلاما للشباب، وكان من المفترض أن يترك المخرجون الكبار
هذه الفرصة لشباب معهد السينما, والشباب المستقلين, حتى لا يضعوا أنفسهم في مقارنة ظالمة معهم، وكان من باب أولى, بدلاً من اختيار سيناريو لرأفت الميهي للدعم،أن تختار اللجنة سيناريو لأحد طلبة رأفت الميهي في أكاديمية الميهي التي يتخرج منها مخرجون سيكون لهم دورا فى المستقبل، وفى الوقت الذي اعلنت فيه وزارة الثقافة أنها ستنتج فيلم (المسافر) لخالد النبوي إنتاجا مباشراً من الوزارة, وبقرار خاص من الوزير, وتبلغ ميزانيته تسعة ملايين جنيه، وتم اقتطاع ثلاثة ملايين جنيه من الدعم لصالح فيلم (المسافر) دون أن يمر الفيلم على اللجنة, وتحصل بقية الأفلام على نفس الفرص، وحتى لو مر الفيلم على اللجنة, فإن قرارها تم اتخاذه مسبقا من تأثير قرار الانتاج المباشر لوزير الثقافة، حتى المخرجين الكبار اللذين حصلوا على الدعم لا يسلمون من بيروقراطية الوزارة في صرف أموال الدعم، وبعض المخرجين حصلوا على الدعم, ولا يجدون جهات إنتاج لاستكمال الفيلم، وفى الوقت الذي نصت فيه لائحة الدعم على إعطاء الثلاثة ملايين جنيه لكل فيلم دون أي مقابل, والشرط الوحيد هو عدم بيع النيجاتيف بأي حال من الأحوال دون الرجوع الى وزارة الثقافة، نجد أن اللائحة اشترطت على مخرجي الأفلام القصيرة, والمستقلة أن تحصل الوزارة على نسبة 75% من إيرادات الفيلم, ويحصل المخرج, وباقي فريق عمل الفيلم على 25 % فقط، وتقدم شباب الدعم بمذكرة إلى فاروق حسنى وزير الثقافة نصت على :
ننتهز الفرصة, ونشكر سيادتكم على تحمسكم لدعم السينمائيين الشباب في مصر, وتخصيص سيادتكم جزء من مبلغ دعم الدولة لأفلام الديجيتال،هذا وكنا قد وقعنا على عقود دعم الأفلام مع السيد أمين عام المجلس الأعلى للثقافة, وفوجئنا بوجود بعض البنود في العقود التي وقعناها تمثل معوقات كبيرة في تنفيذ تلك الأفلام, والتي يتعارض بعضها مع اللائحة المنظمة لدعم الديجيتال التي اقررتموها سيادتكم في قرار وزاري خاص, وكانت البنود المعوقة هي أن يكون المخرج الذي حصل على الدعم مسئول على كافة التصاريح الرقابية, ودفع تكاليف النقابات الفنية, أو أي إجراء مع أي جهاز حكومي, أو خاص، ونطلب من سيادتكم أن تتعامل أفلام الديجيتال معاملة الأفلام التي تنتجها وزارة الثقافة, وأن تخاطب الوزارة, والجهات المعنية للحصول على التقارير الرقابية, ووزارة الداخلية للحصول على تصاريح التصوير, وكذا النقابات الفنية بخصوص الرسم النسبي لتلك النقابات، ورغم القرار الوزاري بأن يتسلم المخرج الدعم المالي على دفعات لا يتم صرف أيا منها إلا بموفقة المنتج الفني المنتدب من اللجنة التنفيذية لمشروع الديجيتال، لكننا فوجئنا بمندوب مالي من وزارة الثقافة مسؤول عن صرف المبالغ المالية, مما قد يعطل عملية الإنتاج من الناحية البيروقراطية,أو الإنتاجية لذا نطلب من سيادتكم أياً من الأمرين, سواء أن المخرج مسؤول عن استلام المبالغ المالية, وأن يقوم بتسليم مستندات صرف الدفعة الأولى قبل أن يستلم دفعة جديدة, أو تختصر حدود المندوب المالي من الوزارة على الدعم بناء على تعليمات المخرج, وبدون تدخله في فنيات, وبنود الصرف, بما أن صرف المبالغ سيتم تبعاً للميزانية الموضوعة, والمقررة من اللجنة الموضوعة للافلام الديجيتال،ونص القرار الوزاري أن يسمح بالتصوير بالمجان فى الاماكن التابعة لوزارة الثقافة للافلام الديجيتال, لذا نرجو من سيادتكم أن يعود هذا البند إلى العقود للاستفادة به في تنفيذ الافلام.
ووقع على المذكرة ثماني مخرجين, ومخرجات ممن وقع عليهم الاختيار في دعم أفلام الديجيتال،ومن الملاحظ هنا أن الشباب تم اختيارهم فقط للافلام الديجيتال, وكأنه ليس من حقهم عمل أفلام سينمائية روائية طويلة،وفى الوقت الذي تعقدت فيه عقود المخرجين الشباب،وأضيف إليها الكثير من الاجراءات البيروقراطية،نجد أن شكوى تقدم بها أحد العاملين بالمركز القومي للسينما إلى مدير عام الرقابة الإدارية, ولدينا نص الشكوى التي اتهمت المركز بشبهة اختلاس من وراء فيلم (المسافر) على مستوى بعض المسئولين بوزارة الثقافة،حيث يتم تخصيص مبلغ تسعة ملايين جنيه من صندوق التنمية الثقافية لإنتاج الفيلم لشركة "هاما" على أن تحول المبالغ للمركز القومي للسينما, ثم يقوم المركز بضخها إلى الشركة بأيّأسلوب, ويتحول العاملين بالمركز إلى موقعين فقط على الورق, مع العلم أن التعليمات العليا تأمر بتسليم الشيكات مفتوحة لمدير الإنتاج السيد (جلال عيد) ليقوم بتسليمها للشركة،علماً بأن هذا العمل لا يتكلف اكثر من خمسة ملايين جنيه, وكيف يتم إيجار مكتب بمبلغ 75 ألف جنيه لتنفيذ الفيلم, وإعطاء مدير الشركة 150 ألف جنيه كمنتج فني في الفيلم،وأرفقت بالشكوى عدة مستندات منها إعطاء شركة صفقة توريد أخشاب للفيلم لبناء ديكور السفينة من خلال مناقصة،والموافقة على زيادة الأخشاب من خلال الأمر المباشر دون عمل مناقصة, وتصل الصفقة الثانية إلى 100 ألف جنيه،ونصت الشكوى أن الفيلم استنزف حتى الآن خمسة ملايين جنيه في 12 اسبوع،وان صحت وقائع الشكوى, فإن وزارة الثقافة هنا تتعامل بانفصام في الشخصية،تطلب من شباب المخرجين عمل إجراءات بيروقراطية تبعدهم عن الإبداع, وفى نفس الوقت تنتج فيلم (المسافر) بعيدا عن طلباتها البيروقراطية.
والغريب أيضا أن اللجنة التي اعتمدت الأفلام القصيرة, والطويلة الديجيتال, تدخلت في سيناريوهات بعض الأفلام, وطلبت تعديلها, وطلبت تغيير نهاية الأفلام, وكأن اللجنة تحولت أيضا إلى جهة رقابية،وتفاوضت مع الشباب في الأسعار لدرجة أن الناقد رفيق الصبان قال لأحد الشباب،لأول مرة اشعر أننا بنفاصل في القوطة, والخيار .....!
ووضعت أيضاً اللجنة قيدا غريبا على المخرجين بالالتزام حرفيا بتنفيذ السيناريوهات المقدمة،وهذا يعتبر قيد جديد يفرض على المخرج،لأنه من حقه أن يغير بعض الأشياء داخل السيناريو لو تراءى له ذلك،ولما اعترض المخرجون أضافوا جملة (بما لا يخل بالروح العامة للفيلم)، الآن وزارة الثقافة تريد أن يلتزم المخرجون بتسديد الرسوم للنقابات المهنية, وهى تعلم تماما أن بعض المخرجين ليسوا مقيدين بالنقابات المهنية،وستطلب منهم مبالغ طائلة قد تصل إلى أرقام ميزانية الفيلم،وفى الوقت الذي تمنح فيه وزارة الثقافة الملايين لداود عبد السيد, ورأفت الميهي دون مقابل،تطلب من شباب المخرجين التي منحتهم الآلاف فقط ب 75 % من إيراد الأفلام.
إن وزارة الثقافة من المفترض أن تكون الداعم الرئيسي للشباب, وتخلق جيلا جديدا من شباب السينما يدين بالفضل, والولاء للدولة،وهذا أهم من دعم المحاربين القدامى اللذين يحصلون على فرص أخرى من الدعم الأوروبي, ويحكمون في كل مهرجانات العالم, وحصلوا على فرصهم في السينما, وأمتعونا بأفلامهم, وتعلمنا منها الكثير .
أحمد فايق ـ القاهرة
faieek80@yahoo.com
No comments:
Post a Comment