Wednesday, March 12, 2008

اقرا و تأمل تلك الاية الاعجازية فى القران الكريم

" وأنَّأ لا نَدْري أشَرٌّ أُريدَ بِمَنْ فِي الأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدا "
سورة الجن ، الآية 10

Wednesday, March 5, 2008

السينما الحمراء في مصـر


بعد ان هدأت الضجة المفتعلة التي أثارها فيلمان مصريان يعرضان في دور العرض السينمائي الآن‏..‏ ويتشدق اصحابهما بأنهما اصحاب قضايا كبري وهم وطني ومسئولية اجتماعية رغم ان الفيلمين يعتمدان بشكل اساسي علي الصراخ والمبالغة عدوة الفن الحقيقي من جانب وعلي تقديم مشاهد الجنس الفجة من جانب آخر‏..‏ فتحقق لهما هدفهما بالايرادات الكبيرة والاهتمام الاعلامي المحموم‏..‏

يتحتم علينا الآن محاولة تفسير ذلك الاتجاه ونرجع للبدايات فنتذكر ان الهدف الاساسي الذي تهدف إليه الفنون منذ بداية الخلق هو الدفاع عن الحق والخير والجمال‏..‏ وفي الفيلمين تم قلب الباطل بالادعاء انه حق وتم الترويج لشر النفس البشرية علي اساس انه من الخير تقديمه بدون إدانته‏..‏ أما الجمال بمعناه الحقيقي فليس له اثر الا اذا اعتبرنا ان تلميع الجروح هو جمال‏..‏ فالبريق لايعني الضوء وليس كل ما يلمع ذهبا‏..‏ ووسائل الفيلمين كانت الآتي‏..‏ تم حشد عدد ضخم من رؤوس الموضوعات الساخنة بالضبط مثل اي جريدة من الجرائد الصفراء وكلها عناوين تمس الجنس والدين والسياحة باعتبارها مواد تجذب القارئ مثلما جذبت متفرجي الفيلمين ومثل تلك الجرائد الصفراء لم يتعمق صناع الفيلمين في شرح القضايا‏.

.‏ إما لعدم قدرة منهم علي التحليل العميق اولا لأن ذلك لايهمهم بالفعل لكن يهمهم نجاحهم الشخصي والنجاح سبيله الاثاره التي تكفي السطحية لتحقيقها‏..‏ وأكثر ما يضمن لهم الاثارة بشكل اساسي وتقديم مشاهد الجنس المبتذلة والعري الجماعي الفج بهدف ان تحدث الصدمة‏..‏ والصدمة هي سبيلهم لمزيد من الاثارة‏..‏ لايوقفهم وازع من ضمير فني او انساني حتي من تقديم اطفال تمارس الجنس نصف عرايا امام الكاميرا‏..‏ وتساندهم رقابة مغيبة أو متواطئة علي عدم تصنيف الفيلمين للكبار فقط‏..‏وهو نوع الرقابة العمرية المسموح بها في اكثربلاد العالم حرية‏..‏ فلكل حرية حدود‏.‏

وهكذا فقد دخل الفيلمان الاف الاطفال الذين امتصوا ذلك ليشوه وعيهم ويستبق نضجهم وتملأ عقولهم بأفكار مريضة وروي ناقصة للحياة‏..‏ وما بين رؤوس الموضوعات الساخنة بدون تعمق والجنس المجاني المنزوع منه الانسانية يزدهر شباك التذاكر وتمتلئ برامج الفضائيات بالكلمات يحشد فيها صناع تلك الافلام كل ما أتوا من صفاقة في الرد وعنف قولي بل واتهام لمعارضيهم بانهم ضد أن تقدم السينما المصرية قضايا المجتمع‏(!!)‏ وبالطبع يكسب الصوت العالي ويخسر المجتمع‏..‏ يخسر لان ما يتم الترويج له هو السطحية وليس العمق والسطحية مساوية للجهل والعمق هو السبيل لحل القضايا‏..‏

ويخسر المجتمع لان اللغة البذيئة يتم الترويج لها باعتبارها من اساسيات الواقعية وكأنه تحت مسمي الواقعية يحق لاي فنان إظهار أي ممارسات في المجتمع امام الكاميرا حتي لو كانت شاذة‏..‏ ويخسر المجتمع لان الرذيلة يتم تقديمها باعتبارها فضيلة وحتمية تحت الضغوط طالما ان الفقر والظلم رفع الناس لان يمارسوا اسوأ الاخلاق ولعل الجمهور ان يقبل ذلك وان لم يقبل فهو غير متعاطف وغير انساني‏..‏ وكأنه ليس من دور الفنان ان يدين الاخلاق الفاسدة حتي لو قدمها كما هي‏..‏ ويخسر ايضا عندما تكسب الفجاجة والصوت العالي في مقابل الحكمة والتأدب في القول‏.‏ ويخسر ايضا عندما تنجح الافلام المليئة بالمباشرة رغم ان الفنون جميعا قد تطورت وتجاوزت المباشرة وان فن السينما يرتقي عندما يحاول ان يكون شاعرا يوحي اكثر مما يصرح لان قوة الشعور السينمائي هي التي تدفع العقول للتفكير والارواح للتأمل‏..‏ ان المجتمع يكسب فقط ليس عندما تطرح قضاياه الهامة لكن عندما يتم الحفاظ علي اخلاقه وقيمه وعندما تقدم الموضوعات الهامة بشكل يرد للانسان انسانيته

ولسنا ضد تقديم الجنس بالطبع باعتباره من اهم جوانب حياة الانسان‏..‏ بل ونحن مع تقديم كل القضايا حتي لو كانت زنا المحارم‏..‏ فذلك هو السبيل لعلاج مشاكل المجتمع لكن ما نحن ضده فهو الفجاجة في التقديم واستخدام ارخص الوسائل للنجاح الجماهيري والسينما المصرية مليئة بمئات الافلام التي قدمت اقسي صور الواقع لكن بشكل فني محترم مثل فيلم الحرام بل وقدمت قضايا مرتبطة بالجنس بشكل راق ايضا مثل افلام زوجتي والكلب والمذنبون‏.‏

واذا كان الفيلميين المقصودان قد نجحا في دور العرض السينمائي فلا يعني ذلك جودتهما‏..‏ فاحدهما هاجمته كل الجرائد العالمية بشكل قاس وقت عرضه في مهرجان دولي كبير واعتبرته فيلما ضعيفا ثم انه منذ متي والاقبال الجماهيري يعني الجودة‏..‏ فهل نجاح عمر وسلمي مؤخرا واللمبي منذ سنوات يعني انها افلام جيدة‏.‏

إن نجاح الفيلمين المقصودين هو حصيلة الخلطة المخادعة التي سبكها صانعوهما في حالة غياب كامل من الضمير ـ واشك انهم سألوا انفسهم عن تأثر اطفالهم وأسرهم بتلك الفجاجة وذلك الابتذال‏.‏

إن الحياة في مجملها صراع بين مصلحة الفرد الشخصية ومصلحة المجتمع والانسانية حوله‏..‏ وقد خلقت الشرائع وجاءت الاديان لتسيطر علي وحشية الانسان ورغبته في ان يغلب مصالحة الشخصية علي مصلحة المجموع‏..‏ واتساءل هل الرغبة في النجاح تجعل اناس عاقلين يتناسون قيم الاخلاق‏,‏ أو لعلهم يصدقون ان ما يقدمونه بالفعل يفيد المجتمع ولا يضره‏.‏

ان هذين الفيلميين مثل طبق الفاهيتا المنتشر الآن‏..‏ ومليئ بقطع اللحوم الفاسدة التي يختفي طعمها وتأثيرها السام تحت الابخرة المتصاعدة ورائحة البهارات المختلطة‏.‏ بل ابلغ وصف لتلك السينما انها سينما حمراء مثل اي سهرة حمراء لكنها سهرة حمراء لمجموعة من مدعي النضال الاجتماعي والوطني
‏ أحمد عاطف