عندما قمت باخراج مشروع تخرجى فى المعهد العهد العالى للسينما فيلم بعنوان (سبارس) عن قضية اطفال الشوارع وحصل الفيلم على جوائزعديدة، قام المعهد بمنع عرض الفيلم فجأة خوفا من غضب جهات ما، فأخذت عهدا على نفسى ان اقوم باخراج فيلم روائى طويل عن نفس القضية,و الان بعد اربعة عشر عاما على تخرجى من المعهد،وفقنى الله بتحقيق الوعد
فيلم الغابة ليس فقط حلم قديم وتحد امام قهر تعرضت له فى سنوات حياتى العملية الاولى، لكنه عملية نحت فى الذات وفى الزمن معا،
أنى احاول من خلاله ان انحت فى نفسى بأزميل الضميرلكى يكون لديها اصرار على التعبير عن قضايا المجتمع المصرى الاساسية،
اعلان لنفسى عما يجب ان اقوم به فى الحياة من اولويات و تثبيت لمساربدأته فى فيلم عمر2000 ثم حدت عنه فى فيلم ازاى البنات تحبك رغبة منى فى تجربة نفسى فى افلام التسلية ،وتحديات جديدة اخوضها من اجل توسيع هامش اكبر لمزيد من حرية التعبير فى السينما المصرية وتحد اخر من اجل اثبات ان نظام الانتاج الحالى بالسينما المصرية لن يعوقنا عن تحقيق افلام نؤمن بها و تعبر عنا وتشارك فى ايقاظ الوعى و تحفيز الهمم وشحذ الضمائر وتبخير العقول وتعطير الارواح
ورغم حصولنا على منح صغيرة لا تتجاوز عدة الاف من خلال فوزنا بمسابقات سيناريو دولية عن سيناريو هذا الفيلم الا ان الجهات الرسمية المعنية بالطفولة فى مصر و كل جهات الانتاج الاساسية فى مصررفضت انتاج الفيلم خوفا من القضايا التى يطرحها بجرأة وبدون مواربة و ان ليس بطولة نجوم شباك معروفين ولهذا قررت اخذ قرض لانتاج الفيلم راجيا من الله ان اقوم ببيع الفيلم و اسدد هذا القرض
أما النحت فى الزمن الذى اقصده فهو فى القضايا المطروحة بالفيلم مثل قضية اطفال الشوارع و القضايا المرتبطة بها كالفقر فى مصر و انهيار الاسرة فى العشوائيات و اغتصاب الاطفال فى مراكز دور الرعاية الحكومية الخ و قضية عنف بعض افراد الشرطة تجاه المواطنين خاصة باقسام الشرطةو قضايا اخرى غيرها مطروحة بالفيلم كلها هدفها تعقب الالم و الضعف النسانى فى عقر داره و محاصرته و دفع الاخرين ليكونو ايجابيين تجاهه لتخليص من يتعرضون للقهر فى المجتمع المصرى من احساسهم القاتل بغربتهم عن الاخرين الذين يمشون بجانبهم فى شوارع المحروسة وكل منشغل بحاله و أحواله يقهره هو الاخر السعى وراء لقمة العيش و يعتصره العوزو تسيطر عليه الانانية النابعة من غريزة البقاء،انى احاول من وجهة نظرى ان ادفع المتفرج ان يتعاطف ثم يكون ايجابى مع من هم اضعف منه وهدفى الا يتحول المجتمع المصرى الى (غابة)
و قداستخدمت بالفيلم اسلوب بصرى و موسيقى يساعد المتفرج ان يرى الجمال فى حياة هؤلاء البسطاء-انهم يضحكون ويملؤون حايتهم بهجة رغم كل الامهم- انهم يعيشون الحياة بكل تفاصيلها رغم انهم لا يجدون قوت يومهم
حتى خراباتهم و عششهم ملونة بألوان مفرحة و جميلة، أليس هذا درس لنا ان (من شاف بلاوى الناس هانت عليه بلوته) واننا لابد ان نقاوم
أن الحياة لها طابعها السرمدى و اصرارها على الاستمرار بفعل ارادة الخالق سبحانه تعالى لكن بعض البشر يتركون قلوبهم لتصبح اشد من الحجر